"أعـرابي لا يــحسن الـقسـمة"
||مقـتطـفة من كتاب مـواقف و طــرائف من التــراث العـربي||
قال الجاحظ : قال أبو الحسن : حدثني أعرابي كان ينزل بالبصرة فقال : قدم أعرابي من البداية فأنزلته ، و كان عندي دجاج كثير ، و لي امرأة و ابنان و ابنتان .
فلما حضر الغداء جلسنا جميعا أنا وامرأتي و ابنتاي و ابناي و الأعرابي،
قـال : فدفعنا إليه الدجاجة و قلنا له : اقسمها بيننا – نريد بذلك أن نضحك منه –
فقـــال : لا أحسن القسمة ، فإن رضيتم بقسمتي قسمتها بينكم .
قـلـنا : فإنـا نرضى .
فأخذ رأس الدجـاجة فـقطـعه فـناولني إيـاه و قـال : الرأس للـرأس .
و قـطع الجـناحـين و قـال : الجـناحـان للابنـين ، ثم قـطع الـسـاقـين و قـال : الـساقـان للابنـتان .
ثـم قـطع الـزِّمـكيّ { ذنـب الطـائـر } و قــال : الـعجز للـعجـوز ،
و قــال : و الـزور للـزائـر . ثم أخذ الدجـاجة و سـخر مـنا .
قـال : ..... فـلما كــان الغـد، قـلت لمرأتي : اشوي لـنا خمس دجاجات .
فـلما حضر الغداء قلت : اقسم بيننا .
قـال : إني أظن أنكم غضبتم في أنفسكم .
قـلـنا : لا لم نغضـب في أنفسنا ، فاقـسِم .
قـال : أقـْسِمُ وِتـــرا ُ أم شـفعــا ً ؟
قـلنـا : اقـسِم وِتـــرا ً .
قــال : أنت و امرأتك و دجاجة ثــلاثة ، ثم رمـى إليـنا دجاجة .
ثـم قــال : و ابنـاك و دجـاجة ثلاثة ، و رمـى إليهما دجاجة .
ثـم قــال : و ابـنتاك و دجـاجة ثـلاثة ، و رمـى إليهما دجاجة .
و أخذ دجـاجتيـن و سـخر منـا .!
قـال : فـرآنــا ننظـر إلى دجـاجتـيه ،
فقـال : ما تنظرون ؟ لـعــلكم كـرهـتم قـسمتي ؟ الـوِتـر لا يـكون إلا هـكذا .!
فـهل أقـسم لـكم قـسمة الشـفع ؟
قـلنا : نعم .
فـضـمهن إليه ثم قال : أنت و ابناك و دجـاجة أربع ، و رمى إلينا دجاجة .
ثم قـال : العجوز و ابنتاها و دجـاجة أربع ، و رمـى إلـيـهـن دجـاجة .
ثـم قـــال : أنــا و ثـلاث دجـاجـات أربـعة ، و ضم إليـه الـثلاث و رفـع يـديه إلـى الـسـماء و قــــال :
" اللهم لــكـ الحـمد ، أنـتـ فـهمـتنـيـها " !!