بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، أما بعد:
فهذا اختصار لكتاب من أخلاق الرسول للشيخ محمود المصري جزاه الله خيرا، وهو مقرر السداسي الثالث (علم الأخلاق)
أسأل الله تعالى أن ينفع به، وهو اجتهاد فقط، فما كان في من خطأ فالمرجو تصحيحه.
لماذا نتحدث عن الأخلاق
لأننا نعيش في هذا الزمان أزمة أخلاقية، وحتى نرد الأمة إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من خلق كريم، وقد قال الله تعالى عنه: وإنك لعلى خلق عظيم.
الإسلام دعوة أخلاقية مؤسسة على حسن الخلق.
الإسلام يقوم على حسن الخلق، بل حسن الخلق هو الإسلام، قال صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق.
حسن الخلق يجمع لنا الأقوال والأفعال التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم: البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطله عليه الناس.
حسن الخلق أوسع وأشمل مما نظن
قال تعالى: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس، أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون.
البر هو الإتيان بكل الاعتقادات والعبادات.
إذا جمعت بين الآية وحديث(البر حسن الخلق) علمت أن حسن الخلق له مفهوم أوسع وأشمل مما نظن أو نعتقد.
حسن الخلق يشمل: حسن الخلق مع الله، ومع الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع القرآن، ومع الملائكة ومع الناس.
من حسن الخلق تحقيق العبودية لله تعالى وعدم الشرك به.
شعار صاحب حسن الخلق (سمعنا وأطعنا) قال تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم.
حسن الخلق مع الرسول صلى الله عليه وسلم: المحبة والإتباع.
حسن الخلق مع القرآن: القراءة والتدبر والعمل والتحاكم إليه في جميع الأمور.
حسن الخلق مع الملائكة أن تعلم أن مع كل واحد منا ملائكة لا تفارقه، وتكتب أقواله وأفعاله، فيتولد منه الحياء.
حسن الخلق مع الماس: أن تكون طليق الوجه رحيما متسامحا لينا في دعوتك مع البر والفاجر، قال تعالى عن موسى وهارون في دعوتهما لموسى: فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى.
الشاهد من كل هذا أن مفهوم حسن الخلق واسع وشامل لكل الحياة.
الأخلاق لغة واصطلاحا:
الأخلاق لغة: جمع خلق، والخلق اسم لسجية الإنسان وطبيعته التي خلق عليها.
قال تعالى: وإنك لعلى خلق عظيم.
قال الطبري: هو الأدب العظيم، وذلك أدب القرآن الذي أدبه الله به، وهو الإسلام وشائعه، وهو تفسير ابن عباس. وقال مجاهد: هو الدين.
وقالت عائشة رضي الله عنهما عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم: كان خلقه القرآن.
قال الماوردي: في الخلق العظيم ثلاثة أوجه:
أدب القرآن، دين الإسلام، الطبع الكريم، وهو الظاهر.
وقال الفيروزأبادي: اعلم أن الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين، وهو يقول على أربعة أركان: الصبر والشجاعة والعدل والعفة.
الأخلاق اصطلاحا:
قال الجاحظ: إن الخلق هو حال النفس، بها يفعل الإنسان أفعاله بلا روية ولا اختيار، والخلق قد يكون في بعض الناس غريزة وطبعا، وفي بعضهم لا يكون إلا بالرياضة والاجتهاد، كالسخاء قد يوجد في كثير من الناس من غير رياضة ولا تعلم، وكالشجاعة والحلم والعفة والعدل وغير ذلك من الأخلاق المحمودة.
وقال الجرجاني: الخلق عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كان الصادر عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقا حسنا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة، سميت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقا سيئا، وإنما قلنا إنه هيئة راسخة لأن من يصدر منه بذل المال على الندور بحالة عارضة لا يقال خلقه السخاء ما لم يثبت ذلك في نفسه.