أشار رحمه الله إلى أن عدد فرائض الوضوء سبعة, الأصل فيها قوله تعالى يا أيها الذين امنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا و وجوهكم و أيديكم إلى المرافق و امسحوا برؤوسكم و أرجلكم الى الكعبين). ثم ذكرها حسب ما سمح له به النظم فجاءت كما يلي : الدلك :وهو إمرار اليد أو ما يقوم مقامها على العضو المغسول , لقوله تعالى في الآية السابقة (فاغسلوا) .
الفور :وهو الموالاة, بحيث يستتبع المتوضئ أعضاء و ضوئه عضوا عضوا من دون تفريق أو بتفريق يسير, و أية الوضوء تدل على هذا, فان ألفاظها تقتضي الموالاة بين الأعضاء, و هي إتباع المتوضئ الفعل إلى أخره من غير تراخ بيت أعضائه ولا فصل بفعل ليس منه .
النية: و معناها القصد, و دليل فرضيتها الآية السابقة الذكر. فلما وجب فعل الغسل كانت النية شرطا في صحة الفعل, لان الفرض من قبل الله تعالى فينبغي ان يجب فعل ما أمر الله به.
هذا فضلا عن ان المسلم إنما يفرق بين ما يفعله عبادة و ما يفعله عادة أو غيرها بالنية , فكان لابد منها.
و كان الناظم استشعر سؤالين: الأول عن محلها, و الثاني عن المنوي بها . فأجاب عن الأول بقوله ( في بدئه) أي في بدء الوضوء,وهو يحتمل انه أراد بالبدء أول فعل من أفعال الوضوء الذي هو غسل اليدين وهو الظاهر, و يحتمل انه أراد به أول فرض وهو غسل الوجه, وهو المشهور واليه ذهب الشيخ .
ثم أجاب عن الثاني بالبيت الثاني, و فيه انه ينوي احد أمور ثلاثة دون نفي أي منها:
فإما أن ينوي رفع الحدث لقوله صلى الله عليه و سلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تقبل صلاة من احدث حتى يتوضأ ). و إما أن ينوي أداء القرض, لان الصلاة فرض, و صحتها تتوقف على الوضوء, فكان فرضا, إذ ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب كما يقول الأصوليون.
و إما أن ينوي استباحة ما منع منه بسبب تلبسه بالحدث, و هو أمور ثلاثة : - الصلاة مطلقا – مس المصحف الشريف (لا يمس القران إلا طاهر) – الطواف بالبيت العتيق .
غسل الوجه: طولا و عرضا, قال تعالى: ( فاغسلوا وجوهكم).
غسل اليدين: أي إلى المرفقين كما سيبين الناظم قريبا
مسح الرأس : أي كله من دون حائل, و المسح هو إمرار اليد المبتلة على العضو الممسوح. و دليل و جوب مسح الرأس كله ما يلي :
-عموم قوله تعالى: (و امسحوا برؤوسكم ) و الأمر يقتضي الوجوب فمن مسح على العمامة لم يمسح رأسه ولا امتثل الأمر .
غسل الرجلين : أي مع الكعبين , قال تعالى: ( و أرجلكم إلى الكعبين ).