الترفاس رشيد
عدد المساهمات : 508 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : الريصاني
| موضوع: مادة الاستشراق .. عبد الحق حنشي ..14/03/2011 3/4/2011, 09:57 | |
| 14/03/2011 1- تحليل معنى الشرق وتجلياته 2- مراحل الاستشراق 1- مفهوم الشرق هو تجلية الحضارة الإسلامية، وهو يختصر في دراسة الإسلام والمسلمين مع أن المفروض أن يتناول ش الشعوب الشرقية كلها إلا أنهم انصبوا في دراستهم على الإسلام بصفة أساسية وبشكل عملي، وانطلقوا من أرضيات معلومة. إن الإسلام جاءت دعوته للناس كافة ورحمة للعالمين لا يميز بين الناس، لذا كان ظهوره من أعجب الأحداث،والأعجب من ذلك انتشاره السريع، ولا عجب من هذا أن الإنسان بالدخول فيه يتغير هيكليا وعقليا ونفسيا وقلبا وقالبا، فهو يصوغ الناس في قالبه من أجل الاحتكام إلى أصوله المبثوثة في القرآن، والأعجب من هذا انخراط أهل الثقافات المختلفة في هذا الدين لا لشيء إلا أنه دين الحق. وهذا الانتشار السريع بتلك الوتيرة كان بسبب أن الدعوة إليه كانت بالأفعال الحسنة والأخلاق الفاضلة لا بالأقوال المجردة فقط. كل هذا لم يرق ولم يستسغ للمسيحيين، لذلك دعوا إلى مقاومته وحصر مد انتشاره، وهذا ما كان وراء الدوافع العلمية والعملية والاقتصادية والأيديولوجية والاحتلالية والدينية للاستشراق لكي يدرسوا هذا الدين وأهله حتى يعلموا مواطن القوة ومواطن الضعف. هذه الدواعي كانت ولا تزال تعمل قدر استطاعتها، ورغم وسائلها الضخمة لا تستطيع أن تجاري انتشار الإسلام وتوسعه في البقاع العالمية، لأن المسلم كما تقدم يحمل عقيدة راسخة ، وبأخلاقه ومعاملاته يستطيع أن ينشر الإسلام بفضل الله دون معاناة ودون أن يكون داعيا. والسر في ذلك هو أن الإسلام يدخل إلى القلوب دون إكراه أو عنف أو تخريب. لذلك اهتمام هؤلاء بالشرق يعكس مقام الحضارة الإسلاميةـ لكن ما المقصود بالشرق؟ لا معنى له إلا أنه يقصد هؤلاء الإسلام. إذن من الناحية الجغرافية والعلمية أغلب الدول الإسلامية تقع في الوسط، وليس في الشرق. فحري بالدراسات ش أن تعتم بالدول الموجودة في الشرق ودراسة حضارتها، حيث إن هذا هو المنطق العلمي الجغرافي، إلا أن الأمر ليس كذلك، بل يقوم بدراسة البلدان الإسلامية من الناحية الحضارية والتاريخية والدينية، بل توجد دول إسلامية في الغرب تحظى أيضا باهتمام كبير، ودول تقع في الشرق لا تحظى بشيء من ذلك. إذا مصطلح الشرق من الناحية الجغرافية لا يكتسي قيمة علمية. أما من الناحية التاريخية فمنطلق الدراسات ش هو منطق الافتخار والتفوق الحضاري والتكنولوجي والعلمي، وإذا رجعنا إلى التاريخ نجد أن المسلمين كان لهم قدم السبق في اكتشاف كثير من العلوم. والمنطق التاريخي يثبت أن هذا الشرق كان غربا خلال قرون غير بعيدة منا، فاقلب الصفحة تجد أن هذا الشرق كان مقدما علميا. وهو الغرب بالمعنى التكنولوجي باعترافهم فالمستشرق الإنجليزي، فالشرق غرب بهذا المعنى. فالمصطلحات-جغراقيا- لا يحققان مضمونا علميا، نفس الشيء بالنسبة للتاريخ، فمفهوم الشرق ضبابي ولا يكتسيان معنى علميا منظما. وإنما يعكس الحضارة للشيء ينطلق منها المستشرقون. تنبيه: أين تصنف استراليا واليابان وهما من أقصى الشرق؟ من الدول الغربية، والعكس بعض الدول كهايتي وفنزويلا لا تصنف من الدول الغربية مع أنها دول غربية بالإيحاء الاستشراقي. والحقيقة أن الاستشراق ينطلق من مفهوم إيديولوجي وليس من مفهوم تاريخي أو جغرافي ويحاول تكريس هذا المنطق الإيديولوجي والفكري المختزل في الحضارة والقوة والريادة والتكنولوجيا إلى الأبد. ويلاحظ أن الغرب يقدم التاريخ الإسلامي من منظوره ولا يسمح للآخر أن يتعرف على تاريخ الغرب، وهو لا يقدم نفسه بالصورة الحقيقية. وجل الدراسات الغربية ومؤسساته تدرس العالم الإسلامي. فأكثر من 1400 مؤسسة ترصد أحوال التدين والصحوة الإسلامية، وذلك في أمريكا وأوربا، يقولون: التدين أمر طارئ وليس ثابتا مترسخا. هدف المؤسسات ش ليس دراسة التاريخ فقط، بل دراسة العلوم وأحوال المسلمين في الماضي والحاضر ومتابعة ما يحدث في العالم الإسلامي، وتعلل ما يطرأ على حاضر المسلمين من تحولات وتغيرات وهي تخصص مجموعة من الدراسات والمؤسسات، غرضها هو متابعة المسلمين وما يحصل لهم من تحولات متعددة في واقعهم وفي جميع النواحي، والأهم من هذا توجيه هذا الواقع والمسار التاريخي والحضاري بما يوافق توجهاتهم وإيديولوجياتهم. 2- مراحل الاستشراق توطئة: الدراسات ش والغربية تحاول تقديم العالم الغربي على أنه عالم القوة والريادة والاكتشافات العلمية والابتكار التكنولوجي والمنجزات الإنسانية، إنما قام الغربيون وهو دوما يرومون أن يظهروا هذا التفوق الحضاري عبر مراحل التاريخ، أي أن الغرب هو قائد الحضارة في كل العصور التاريخية، وأن الحضارة الإسلامية لا وجود لها ولا تأثير لها، كما يقولون: إن الأصل لكل الحضارات هي حضارة اليونان والإغريق، وتجاهلوا الحضارة المشرقية التي هي قبل حضارة اليونان كالحضارة البوذية الكنغوشية الآثورية البابلية الفرعونية الفينيقية ... كما تجاهلوا الحضارة الإسلامية على الأقل من القرن الأول الهجري إلى القرن الثامن، والتقدم الحضاري المادي يسعون في تصويرهم الحضارة الغربية أنها كانت كما هي الآن وأن التقدم ورثوه منذ القديم، وهذا يدل على الفكر العنصري التاريخي لهؤلاء المستشرقين. والواقع التاريخي يثبت أن للحضارة المشرقية قدم السبق في كل المجالات، ويمكن القول بأن الحضارة اليونانية كانت قوية من الناحية الفكرية والفلسفية فقط. الغرب في أعلى نموذجه هو الييونان، كان يريد نشر فكره الإسكندر المقدوني حينما سيطر على الشرق اصطحب معه علماء مر وأسس مدرسته في الإسكندرية وينشر أفكاره وإيديولوجياته، نفس الشيء ينطبق على حملة نابليون حيث جاء بالمطبعة والمفكرين والفلاسفة لنشر أفكاره في مصر، وقبله أريسطو، وأي تفوق عسكري يعقبه تفوق فكري بتجربة الاسكندر. وقبل الاحتلال سبقتها رحلات استشراقية لبلاد المسلمين، فعندهم غزو الأرض يلازمه غزو الفكر، والاستشراق ظهر لغرس الأمبريالية، فهو يمهد الطريق للاحتلال والتخريب من خلال ما يلي: الرحلات العلمية للمستشرقين للعالم الإسلامي مع تحكم الدوافع الدينية والإيديولوجية. ومنطق ش منطق يصادر أفكار الآخرين ويخربها ويشوهها، ومنطق تقديم قدر للآخرين، ومنطق الاستغراب بالمعنى الإسلامي دعوة وبلاغة وتحاور وتوظيف واستثمار لحسنات الآخرين دون الانجراف معه، فعندما نتعرف على الغرب لا نقصد السيطرة عليه، بخلاف المستشرقين يريدون بذلك إبادتنا ومحونا، وشتان بين منطقي الاستشراق والاستغراب(منطق حوار، استفادة لا تخريب ولا إبادة) لا يمكن أن نستفيد من الآخر ما لم يكن لك أصل ثابت راسخ واستقامة، ولا يمكنك أن تتطلع على أفكار الآخرين ما لم تكن كذلك. ملف فقهي: فقه الأولويات بين الاطلاع على الآخر وبين المفاسد التي تترتب على ذلك. محمد علي باشا أول من بعث بعثة إلى الغرب لنقل التجربة العسكرية، مع إرساله بعض المرشدين معهم حتى لا يزيغوا عن الطريق، لكن حين رجع صار إماما تغريبيا(رفاعة الطهطاوي) لذا من المفروض علينا أن نتساءل: ماذا نأخذ من الغرب؟ وكيف نأخذه منه؟ وما هي الفئة المؤهلة للقيام بذلك؟ وأخيرا مراحل الاستشراق في القديم والوسط والحاضر هدفه هو بسط التفوق الغربي وزعم الريادة وإشاعة النموذج الغربي، ولا يمكنه ذلك إلا باستئصال النمو الإسلامي، وإن لم يستطع ذلك فعليا سعى إليه فكريا، وذلك لتشويه صورة الإسلام والمسلمين. وفي الختام بتحقيق نموذج الاستغراب في الوقت الحالي، وذلك أن ننتدب علماء نزهاء مستقيمين لا تتزعزع عقيدتهم حتى يدرسوا حقيقة الاستشراق، وذلك من خلال إخلاصهم وعقيدتهم الصحيحة ومعاملتهم الإسلامية الفاضلة الحقيقية حتى يستفيدوا من الأشياء الإيجابية عند الغرب، والإسلام حين انتشر انتشر بالحجة والأخلاق، فيحصل لدينا بسبب ذلك أمران: فضل امتداد الدين، وحسن التوظيف والاستثمار عند الآخرين. والغرب في تصوره العنصري يضطر لاحترام هذه الفئة في محيط الحوار والنقاش، بعكس المتملصين من الدين والأخلاق.
| |
|